شهد القرن الماضي أحداثاً كثيرة غيرت العالم وأحدثت فوارق كبيرة في تاريخنا. ولم يكن المونديال بمعزل عن تلك الأحداث والتغيرات. وفيما يلي أهم الأحداث التي أثرت على كأس العالم:

-      الحرب العالمية الثانية: اندلعت الحرب العالمية الثانية وتسببت في توقف معظم الدول في العالم، خصوصاً الأوروبية، عن ممارسة اللعبة لسنوات امتدت وقصرت حسب قدرة كل بلد على العودة سريعاً بلاعبيها إلى الملاعب.
 
وبالطبع، تأثرت كأس العالم بتلك الحرب المدمرة، فالبطولة التي كانت ما تزال وليدة واحتفلت بنسختها الثالثة في عام 1938 في فرنسا لم يمض سوى عام على انتهائها حتى بدأت شرارة الحرب وأدت إلى إلغاء البطولة لدورتين متتاليتين.
 
كان الأمر كارثياً، فبعد أن بدأ اسم البطولة يرتفع ويشتهرعالمياً، جاءت الحرب لتدمر ما بناه الاتحاد الدولي في ثلاث بطولات، ليعود العالم من جديد إلى ما يشبه نقطة الصفر وتقام أول بطولة لكأس العالم في البرازيل 1950 بعيداً عن أوروبا المحطمة، لترجع البطولة خطوتين إلى الخلف بدلاً من التقدم بسبب الحرب اللعينة.
 
-      مباراة أدت لميلاد فكرة البطاقات الملونة: في كأس العالم 1966، كانت هناك مباراة بين فريقي إنجلترا والأرجنتين وفي شوط المباراة الأول، وجه الحكم الألماني رودولف كرتلين إنذاراً لقائد المنتخب الأرجنتيني أوبالدو راتن.
 
وكان الإنذار والطرد للاعبين وقتها يتم عن طريق كلمات شفهية من الحكم للاعب حول نوع القرار. ولكن بسبب عدم معرفة اللاعب الأرجنتيني اللغة الألمانية وكذلك الحكم لا يعرف اللغة الإسبانية، حدثت مشكلة عندما اعترض اللاعب على إحدى قرارات الحكم وظن الحكم أن اللاعب يوجه له الشتائم فقام بطرده ولكن اللاعب لم يفهم ما يطلبه الحكم منه.
 
وبعد المباراة اجتمع الاتحاد الدولي وقرر باقتراح من حكم إنجليزي يدعى كين آشتون استخدام البطاقات الملونة. وتحمس السير ستانلي رئيس الاتحاد الدولي للفكرة وتمت تجربتها في أولمبياد المكسيك 1968 ولاقت نجاحاً.
 
ثم تم بعد ذلك الإعلان عن تطبيق الفكرة في كافة الملاعب وبدأ  تنفيذها اعتباراً من بطولة 1970 دون أن يتم إشهار أية بطاقات صفراء أو حمراء فيها، ولكن كانت بطولة 1974 هي أول شاهد على استخدام البطاقات الملونة فعلياً.
 
-      تهديد بالقتل لكرويف: قبل بطولة كأس العالم 1978 في الأرجنتين، كان المنتخب الهولندي في أوج تألقه بقيادة يوهان كرويف نجم برشلونة أفضل لاعب في أوروبا. وكانت هولندا وصيفة البطولة السابقة وسحقت خلالها الأرجنتين برباعية نظيفة.
 
وتخوف المشجعون الأرجنتينيون من أن تواجد النجم العالمي كرويف مع منتخب بلاده قد يقوض حظوظ منتخبهم بالفوز بالكأس الغالية المقامة على أرضهم، فقرر المشجعون المهووسون إرسال برقيات تهديد بالقتل للنجم كرويف إذا شارك في البطولة.
 
ويشار أيضاً إلى ضلوع جنرالات الأرجنتين في الأمر لدرجة أن كرويف من خوفه أعلن اعتزاله اللعبة برمتها وسط مناشدات وإغراءات من ملكة هولندا، لكنه رفض المشاركة في البطولة، ثم عدل عن قرار الاعتزال بعد المونديال.
 
ويؤكد كافة الهولنديين أنه لو شارك كرويف في البطولة لحصد منتخبهم اللقب من الأرجنتين لأنه كان سيمنحهم قوة فنية كبيرة ويضعف قوى المنافسين.
 
-      تواطؤ بين ألمانيا والنمسا: لعله الحدث الأسوأ والأبعد عن الروح والأخلاق الرياضية، ففي بطولة 1982 أبلى المنتخب الجزائري بلاء حسناً وصدم العالم وألمانيا بالفوز عليها (2-1) وخسر أمام النمسا (0-2) وفاز على شيلي (3-2) في مباراته الأخيرة.
 
خاض المنتخبين الألماني والنمساوي بعد مباراة الجزائر وتشيلي مباراتهما، وسجلت ألمانيا هدف التقدم مبكراً ثم سرعان ما تحولت المباراة إلى حصة تدريبية فانتهت بتلك النتيجة في مشهد تواطؤ فاضح، حيث كانت تلك النتيجة كفيلة بصعودهما معاً إلى لدور التالي.
 
وأقر الفيفا بعد ذلك نظاماً جديداً تم اتباعه في كافة البطولات اللاحقة وهو أن يتم لعب آخر مباراة في كل مجموعة لكافة الفرق في توقيت واحد منعاً للتلاعب عند معرفة أحد الفرق نتيجة المباراة الأخرى وبقية إحصائيات الفرق في المجموعة.
 
-      الموت المفاجيء: تقرر تنفيذ فكرة الهدف الذهبي في بطولة أمم أوروبا 1996 لأول مرة وسجلت ألمانيا هدفاً ذهبياً في نهائي البطولة ضد التشيك، ثم بدأ تطبيقها في بطولات كأس العالم منذ بطولة 1998 واستفادت منها فرنسا المستضيفة لأول مرة أمام بارجواي في دور الـ16.
 
وتكرر ذلك في مونديال 2002 وتسبب في إقصاء المنتخب الإيطالي أمام نظيره الكوري أيضاً مستضيف البطولة. وكانت آخر مباراة شهدت هدفاً ذهبياً في كأس العالم بين تركيا والسنغال في نفس البطولة 2002 ثم تقرر إلغاء تلك الطريقة بعد شكوى الفرق من هضمهما لحق الفريق الخاسر العادل باللعب لتعديل النتيجة خلال وقت محدد سلفاً.
 
-      إقامة البطولة في بلدين: تقدمت دولتا اليابان وكوريا الجنوبية بملف منفصل لاستضافة كأس العالم 2002، وكان معهما المكسيك، ولكن بعد فترة وبناء على اقتراح من الفيفا نفسه تم دمج الملف وطلب التنظيم ليكون مشتركاً بينهما لرغبة الفيفا في تواجد البطولة في قارة آسيا لأول مرة.
 
فازت الدولتان بالاستضافة بالتزكية ودون تصويت، ولكن بعد المسافة الشاسع بين الدولتين تسبب في مشاكل تنظيمية وفكرية وأيضاً إرهاقاً للفرق المشاركة في البطولة. وبناء على ذلك وبعد انتهاء البطولة، قرر الفيفا أن تلك آخر مرة سيتم الموافقة فيها على تقدم دولتين معاً بطلب استضافة للبطولة.