أخيرا ارتدى نجم المنتخب الارجنتيني لكرة القدم ليونيل ميسي "ثوب مارادونا الجديد" بعدما تحرر من الضغوطات والانتقادات التي طالته عقب الظهور المخيب في المونديالين الاخيرين خاصة جنوب افريقيا 2010 وموسمه السىء مع فريقه برشلونة الاسباني، فتألق بشكل كبير في المباريات الثلاث لمنتخب ال"البيسيليستي" في الدور الاول للعرس العالمي في البرازيل.
 
عانى صاحب الرقم 10 في صفوف المنتخب الارجنتيني الامرين في النسختين الاخيرتين من كاس العالم وان كان شابا يافعا في النسخة الاولى في المانيا عام 2006، لكن ضرب بقوة في المباريات الثلاث الاولى للارجنتين في الدور الاول ومحا "شبح دييجو مارادونا" المتوج باللقب العالمي عام 1986 بتسجيله 4 اهداف رائعة.
 
لكن هذه المقارنة المستمرة مع مارادونا لا تؤرق ميسي بل على العكس، يبدو انه تخلص من هذه التركة الثقيلة ليتحول الى قائد حقيقي للمنتخب الارجنتيني.
 
كثرت الاشادات بميسي في المونديال الحالي اخرها مدرب منتخب نيجيريا ستيفن كيشي الذي وصفه بلاعب من كوكب "عطارد"، كل ذلك دليل على ان ابن مدينة روزاريو بات يلبي التطلعات والآمال الكبيرة المعقودة عليه من طرف الجماهير الارجنتينية التي بقيت في البلاد او عشرات الالاف المتواجدين في البرازيل والذين حولوا اجواء ملاعب الاخيرة حيث يلعب ميسي وزملاؤه الى اجواء ملعب مونومنتال في العاصمة الارجنتينية بيونس ايرس.
 
سجل ميسي هدفا رائعا وبسرعة خارقة من تسديدة قوية من خارج المنطقة في مرمى البوسنة (2-1)، وأخر من تسديدة رائعة من خارج المنطقة ايضا وفي الوقت القاتل في مرمى ايران (1-صفر)، وقذيفة قوية من مسافة قريبة وركلة حرة مباشرة من خارج المنطقة في مرمى نيجيريا (3-2): الحصيلة هي اربعة اهداف من أصل 6 سجلتها الارجنتين في الدور الاول. وفضلا عن ذلك، فان الارجنتين سجلت الهدف الاول في مرمى البوسنة من نيران صديقة عقب ركلة حرة مباشرة لميسي.
 
وأمام معاناة الارجنتين في فرض أسلوب لعبها الجماعي، فإن عبء المسؤولية ملقى على عاتق افضل لاعب في العالم 4 مرات والذي يبدو هذه المرة أكثر تصميما لتحقيق حلمه "المونديالي" رغم كل الصعاب.
 
لم تكن انتصارات الارجنتين تتوقف على ميسي في السابق أكثر مما هي عليه الان، فحتى عشية مواجهة سويسرا في دور الستة عشر، تدين الارجنتين بتأهلها الى "عبقري" برشلونة الذي سجل أهدافا حاسمة في لحظات قاتلة.
 
اكتفى ميسي بهدف يتيم في أول مونديال في مسيرته الكروية عام 2006 في ألمانيا، تلاه صيام عن التهديف في النسخة الاخيرة في جنوب افريقيا عام 2010 بقيادة دييجو ارماندو مارادونا... ولكن لحسن حظ الارجنتين أن ميسي "الجديد" قدم وجها مختلفا ومشجعا على غرار إشعاعه مع برشلونة.
 
واصل "البعوضة" هوايته في حصد الارقام القياسية من جميع الانواع، ويكفي إعادة فتح كتب التاريخ للوقوف على انجازات مماثلة لما يحققه ميسي في النسخة العشرين في البرازيل.
 
أصبح ميسي أول لاعب ارجنتيني يهز الشباك في المباريات الثلاث الاولى منذ أوريستيس عمر كورتابا عام 1958، كما بات أول ارجنتين يسجل هدفا من ركلة حرة منذ دانييل باساريلا قائد المنتخب في مونديال 1982.
 
ولكن ميسي يدرك تمام الادراك انه يتعين عليه تقديم العروض ذاتها في الادوار الاقصائية المباشرة (من دور الستة عشر الى المباراة النهائية) كي يدخل نهائيا تاريخ بلاده.
 
واذا تخطت الارجنتين الحاجز السويسري في دور الستة عشر غدا الثلاثاءفي ساو باولو، فإن ذكرى مونديال 1986 ستلقي بظلالها. وقتها سجل مارادونا خمسة أهداف في المكسيك بينها ثنائية تاريخية في دور الثمانية في مرمى انجلترا -  و"هدف القرن" - وآخر قبل النهائي ضد بلجيكا (2-صفر)، وقاد بمفرده تقريبا الارجنتين الى المباراة النهائية.
 
وإذا كان مارادونا فشل في هز الشباك في المباراة النهائية امام المانيا الغربية، فقد كان وراء التمريرة الحاسمة التي سجل منها خورخي بوروتشاجا هدف الفوز (3-2).
 
وقتها، تحمل مارادونا دون ضغوطات إرث ماريو كيمبيس بطل ملحمة الفوز بكأس العالم للمرة الاولى عام 1978 في الارجنتين بتسجيله 6 اهداف من ثلاث ثنائيات بينها واحدة في المباراة النهائية في مرمى هولندا.
 
فهل سينجح ميسي في قيادة الارجنتين الى اللقب الثالث في 13 يوليو المقبل على ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو ؟ وليصبح مارادونا عام 2014، يتعين على ميسي ان يخرج أفضل ما في جعبته.