الوصفة الإسبانية مع ريال مدريد وأتلتيكو مدريد وإشبيلية وفالنسيا...
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، انها
الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس الموافق الأول من مايو 2014، ليلة
ليست باردة ولا حارة، لكنها دافئة، مليئة بالأسئلة المتناقضة والمحيرة،
ظهرت فجأة بعد نهاية البث من ملعب ستامفورد بريدج، حين سقط تشيلسي الذي
شجعته في المراحل الاقصائية بدوري أبطال أوروبا على يد أتلتيكو مدريد،
بثلاثية لهدف، في إياب نصف النهائي، ليتأهل لمواجهة ريال مدريد الذي اكتسح
قبل 24 ساعة بايرن مونشن بالأربعة وأين؟ في الأليانز آرينا.بدأت الأفكار تتسلسل..فتساءلت: أين بيكهام الآن وأين سيميوني؟؟ وأين الكرة الإنجليزية وأين الكرة الإسبانية؟ ولماذا بيكهام ضاع كرويًا وسيميوني حديث العالم بإنجازاته مع الأتلتي؟ ولماذا الاتحاد الإنجليزي مثير للسخرية ولماذا الإسباني جدير بالاحترام؟. وجدت نفسي أردد المقطع الأخير لأغنية «موعود» للعندليب “شوف بقينا فين يا..وشوف وصلنا لفين".
حالة بيكهام وحالة سيميوني حقًا تستحق الدراسة بعناية، فالأول حاله نفس حال الكرة الإنجليزية، اهتم بالمظهر والمال ونسى الكرة، أما الثاني فركز تمامًا على أن يكون مدربًا يشار له بالبنان في الوقت الذي كان فيه صاحب أدق الركلات الثابته وأجمل العرضيات في تاريخ اللعبة يضع كل تركيزه بالاعلانات والموضة والتسريحة.
كان بإمكان بيكهام أن يصبح أفضل لاعب في العالم لفترات وأشهر نجم في تاريخ إنجلترا بأتم معنى الكلمة لو ركز على الكرة بنفس القدر الذي منح به الأضواء والكاميرات وحياته الاجتماعية والشخصية ذلك الاهتمام.
سيميوني سار على نفس نهج الاتحاد الإسباني في تعامله مع كرة القدم، درس التدريب الاكاديمي ثم نقل نفسه بسرعة للعمل الميداني ليفوز مع إيستوديانتس دي لابلاتا وريفربليت ببطولة الدوري الأرجنتيني (الأبرتورا والكلوسورا) لتكون تلك الانجازات بوابته للانتقال إلى إيطاليا مع كاتانيا ثم إلى إسبانيا مع الأتلتي الذي فاز رفقته بكأس إسبانيا والدوري الأوروبي وكأس سوبر أوروبا في غضون ثلاث سنوات فقط.
بالتأكيد هو لم يحصد الكثير من الأموال والكثير من الشهرة العالمية مثل بيكهام، ولم يكن يومًا علامة تجارية، لكنه حصد ما هو أهم من المال، حصد احترام العالم، وحظي بمكانة لا تقدر بثمن في صفحات تاريخ الكرة، فهو الآن ضمن خمسة أو عشرة أسماء تألقت في اللعب والتدريب.
قصة الليجا
تفكير الفيفا في جائزة من نوع خاص يمنحها في نهاية هذا العام للاتحاد الإسباني بقيادة «انخل ماريا فيار» شيء لابد منه، كونه أفضل اتحاد مُتعاون مع الأندية، لاستعداده الدائم للتضحية بالمكاسب التجارية من أجل حماية مصالح أنديته على الصعيد القاري.
وفي نفس يوم تسليم الجائزة، يجب أن يجد ميشيل بلاتيني وبلاتر وسيلة لانهاء ما يُعرف باسم «رابطة الأندية المحترفة» في إنجلترا بما أنها أكثر مشكلة تعرقل حركة الأندية الإنجليزية على الصعيد القاري بسبب بطولتها العقيمة التي حملت عدة مسميات كـ «كأس الحليب وكارلينج وكابيتال وان» وكثيرًا ما تحدثت في هذا الموضوع بأن إلغاء البطولة أحد الحلول الحقيقية للوصول إلى عطلة شتوية.
أرى أن الاتحاد الإسباني لكرة القدم كان أهم ضلع من أضلاع النجاح الكبير الذي وصلت إليه الليجا على الصعيد القاري هذا الموسم بتأهل الرباعي «ريال مدريد وأتلتيكو مدريد وإشبيلية وفالنسيا» إلى الدور قبل النهائي ببطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.
ولا يصح النظر لهذه الحالة على أنها مصادفة أو ضربة حظ فما أكثر الإنجازات الإسبانية منذ عام 1992 على الصعيد الدولي. هل تتذكرون تتويج ريال سرقسطة بكأس الكؤوس الأوروبية على حساب آرسنال عام 1993 بهدف نعيمي؟ وتأهل برشلونة لنهائي البطولة نفسها عام 1991 والذي خسره من مان يونايتد، وفوزه بدوري الأبطال 1992 على حساب سامبدوريا، وتأهله للمباراة النهائية عام 1994 أمام ميلان؟ وتتويج ريال مدريد بالأبطال 1998 و2000، وخسارة ريال مايوركا لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي أمام لاتسيو 1999؟.
في السنوات الـ14 الماضية، تأهل ريال مدريد وفالنسيا إلى نهائي دوري الأبطال عام 2000 وترشح ديبورتيفو ألفيش إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي أمام ليفربول في نفس عام تأهل فالنسيا لنهائي الأبطال 2001. وتمكن ريال مدريد من انتزاع لقب الأبطال 2002، واكتسح برشلونة الجميع بفوزه بثلاثة كؤوس للأبطال 2006 و2009 و2011، وتويج فالنسيا بكأس الاتحاد الأوروبي 2004، وجلب إشبيلية وأتلتيكو مدريد اللقب 4 مرات، فضلًا عن تألق فياريال وديبورتيفو لاكرونيا وملقة بتأهلهم لمراحل متقدمة في دوري الأبطال.
كل هذا حدث ولم نتطرق بعد للنجاحات الكبيرة لمنتخب إسبانيا في يورو 2008 و2012 وكأس العالم 2010، وخوضه لنهائي كأس القارات 2013، وتتويجات منتخبات الشباب بكأسي العالم وأمم أوروبا.
مجموع بطولات الأندية الإسبانية منذ عام 2000 حتى 2014 وصل لـ22 لقبًا قاريًا وعالميًا قسموا على خمسة أندية «الريال، البرسا، الأتلتي، إشبيلية وفالنسيا»، وستزيد الغلة لـ23 لقبًا إذا انتصر إشبيلية في نهائي الدوري الأوروبي على بنفيكا هذا العام في ملعب يوفنتوس، وستصل الحصيلة لـ25 لقبًا بنهاية هذا العام إذا فاز فريق إسباني بلقبي كأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
أما أندية الدوري الإنجليزي، التي كانت المنافس الأبرز للأندية الإسبانية على مدار الـ14 عامًا في المسابقات القارية، فجمعت 8 ألقاب بفضل ثلاثة نوادي فقط، ولم يفز آرسنال بأي شيء بعد تأهله لنهائيي كأس الاتحاد 2000 ودوري الأبطال 2006، وخسر فولهام كأس الدوري الأوروبي 2010 أمام الأتلتي، وكانت مشاركات مانشستر سيتي وتوتنهام مُجرد مشاركات شرفية لا أكثر، مثل مشاركات أندية نيوكاسل وإيفرتون وويجان أثلتيك وبيرمنجهام سيتي وأستون فيلا وبلاكبيرن في كأس الاتحاد الأوروبي.
سؤال مهم، لماذا اختار رونالدو اللعب في إسبانيا بعد الشعبية الجارفة التي اكتسبها في إنجلترا؟ وما سر تفضيل كريم بنزيما للريال على آرسنال ومانشستر يونايتد؟ ولماذا فعل رونالدينيو نفس الشيء بعد تركه لباريس عام 2003؟؟ ولماذا رفض كاكا تشيلسي والسيتي من أجل الليجا؟؟ ولماذا لم يحترف الظاهرة في إنجلترا قط؟؟.
بالطبع جائزة أفضل لاعب في العالم صعبة المنال في إنجلترا وصارت كذلك بعد تراجع شعبية الدوري الإيطالي ومستحيلة في الدوري الفرنسي، لكن «الكرة الذهبية» ليست السبب الوحيد لاختار رونالدو وغيره من النجوم للعب في الليجا، فاحترام الاتحاد المحلي لإنسانية اللاعبين من أكثر الأسباب الوجيهة لتفضيل هذا الدوري على غيره بخلاف مستوى الضرائب المنخفض في إسبانيا عن إنجلترا.
ردود فعل مدربين الأندية في إنجلترا لم تهم الاتحاد المحلي كثيرًا، فلم تجبرهم على تغيير النظام المتبع، ولم يعر أحدًا أي اهتمام للتصريح الذي عبر فيه مورينيو هذا الموسم عن امتعاضه من ضغط المباريات قبل ساعات من مواجهته لجلطة سراي في ثمن نهائي دوري الأبطال، خصوصًا بعد أن لعب الفريق التركي مباراته المحلية يوم الجمعة أي قبل 24 ساعة من مباراة تشيلسي في الدوري المحلي، وقال المو ««إذا لعبنا ليلة الجمعة فإن ذلك سيحدث فرقاً للفريق على صعيد المنافسة القارية، ذلك لن يؤثر على مشاهدة المباراة عبر شاشة التلفزيون، هل سيكون أمراً جيداً لتشيلسي؟ نعم سيكون من الجيد إقامة مباريات في البريميرليج يوم الجمعة، جلطة سراي لديهم 24 ساعة إضافية من الوقت للإعداد لمواجهة الثلاثاء فقد لعبوا يوم أمس الجمعة في الدوري التركي وهذا سيعطيهم ميزة عنا».
ولم يحدث في أي جولة من جولات الأبطال هذا الموسم ولعب الريال قبل يومين فقط من مباراته القارية كما يحدث مع الأندية الإنجليزية.. وبالنظر إلى قصة تقديم المباريات بعين الاعتبار، سنجد ريال مدريد هذا الموسم قد لعب 19 مباراة في الليجا يوم «السبت»، وهذا ساعده بوضوح في مباريات الأبطال يومي الثلاثاء والاربعاء ورأينا كم الأهداف الرهيب الذي سجلها بدءًا من دور المجموعات حتى لقاء البايرن.
أتلتيكو مدريد، الوحيد الذي لم يخسر أي مباراة في الأبطال هذا الموسم، لعب حتى الآن 15 مباراة في الليجا يوم السبت، وقبل مواجهته لتشيلسي في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال على ملعب فيثينتي كالديرون أقيمت مباراته في الدوري يوم الجمعة الموافق 18 أبريل ضد إليتشي، وفي المقابل لعب تشيلسي عصر اليوم التالي مع سندرلاند رغم أن الاتحاد الإنجليزي يعرف جيدًا أن بعثة النادي عليها التوجه إلى مدريد يوم الاثنين لمواجهة الأتلتي يوم الثلاثاء، فكان ذلك ردهم العملي على اقتراح مورينيو مثلما كان الموسم الماضي مع بينيتيز الذي ساعده الحظ بصورة لا تصدق لهزيمة بازل وبنفيكا في المباراتين الأخيرتين له بالدوري الأوروبي الموسم الماضي!!.
أما إشبيلية، المتأهل إلى نهائي الدوري الأوروبي بإعجوبة على حساب فالنسيا في الثانية الأخيرة من مباراة ميستايا، فخاض 24 مباراة هذا الموسم (مساء) يوم الأحد في الليجا، ونجحت الخطة في منحه الوقت الكافي بعد مباريات يوم الخميس في الدوري الأوروبي للراحة، لينافس في نفس الوقت على ورقة الترشح لدوري أبطال أوروبا مع بيلباو وسوسيداد، على النقيض من معاملة الاتحاد الإنجليزي للأندية هناك، تجد توتنهام يلعب يوم الخميس في أوروبا ويطلب منه الاستشفاء والتدريب والتحضير لمدة يوم واحد فقط للعب مباراة في الدوري صباح يوم الأحد، أما في إسبانيا لو حتى ضغط الاتحاد الإسباني على فريق ما فيمنحه مباراة في وقت متأخر للغاية دون الاهتمام بعوائد المشاهدة التلفزيونية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق