الخميس، 8 مايو 2014


كلاشنكورة: بينتو وميسي.. والطب النفسي!

08-05-2014
حارس مرمى برشلونة خوسيه مانويل بينتو (Getty Images)

“كلاشنكورة” فقرة شبه يومية، يقدمها موقع سوبر منذ أغسطس عام 2011، وهي تصنف من ضمن مقالات الرأي الساخرة والجريئة، ومن يبحث عن الموضوعية والحيادية والرصانة والحصافة فيها، يصبح كمن يحمل شباكه ويذهب لصيد السمك.. في حوض سباحة!
رغم الصعاب، كان متفائلاً، ترى في ابتسامته الأمل، وفي ذيله الحماس!
قبل أكثر من عام، قال بينتو حارس مرمى برشلونة الاحتياطي، أو ظل فالديس! قال: “أساعد نفسي بقراءة كتب ترفع من روحي المعنوية، لأنني أجلس طويلا على مقاعد الاحتياط”، ليس طويلاً، لا تبالغ يا رجل، إنها 7 سنوات فقط!
لكن، أنا معجب ببينتو وطريقة تفكيره الإيجابية، الإيجابية هي سر النجاح، والنجاح لا يأتي إلا بالاجتهاد والصبر، والصبر مفتاح الفرج، وفرج هو شقيق رجب.. ورجب “حوش صاحبك عني”!
وبالفعل بفضل هذه الإيجابية والصبر والتفاني، أصبح بينتو قاب قائمين أو أدنى من حراسة مرمى برشلونة أمام الملأ، وليس بالسر! فقد أعلن فالديس الرحيل، فجُن الكتالونيين، وطالبت الصحف الكتالونية بإعدام فالديس الخائن العميل الذي لم يحفظ الجميل! بينما صحف مدريد وقفت مع فالديس، كما وقفت مع كاسياس من قبل! يبدو أن صحف مدريد تعشق حراس المرمى!
هدأت مسألة رحيل فالديس، وانتقل الناس للحديث عن خليفته، وطالبت الجماهير بأن يكون البديل بينتو.. وليس أي أحد آخر، من حقه أن يحصل على فرصة.. فهو حارس ممتاز، وإلا لماذا هو في برشلونة أساساً؟ لكن القدر قال كلمة أخرى، وكما يقول المثل “رب فرصة خير من ألف ميعاد”!
تعرض فالديس للإصابة، فرأى بعضهم أن هذا عقاب من يلهث خلف المال، وأنه يستحق ذلك! وكما قالت صحيفة مدريدية من قبل عن إحدى قيم برشلونة: “إذا كنت معنا أنت الأفضل، وإذا لم تكن كذلك.. فيجب أن تموت”! أليس هذا ما فعلتموه أنتم بمورينيو؟! ألم يكن شعاركم: “إما تسمح لنا بمعرفة كل شيء يحدث حتى في غرفة نومك! أو أنك ستموت”؟! عموما، ليست هذه قضيتنا الآن.. وحصل بينتو على فرصته أسرع مما توقع الجميع.. وأصبح بينتو حارسا أساسياً في الفريق، وبعدها بأيام.. كانت الجماهير تهتف لبينتو: “يا ابن العاهرة”!
إنها قصة نجاح.. انتهت بسرعة! إنها مأساة شكسبيرية جديدة! لا ينقصها إلا أن يشنق بينتو نفسه! هذا هو الحل الوحيد ليُخلد اسمه في التاريخ.. ليس كحارس مرمى، بل كاسم مرض! مثله مثل أوديب أو مازوخ! ستكون هناك “عقدة بينتو”! أي الرجل الذي انتظر وثابر وصبر واجتهد.. وحين جاءت الفرصة متأخرة: فُضح أمره، وضاع مستقبله! فاختار الحل السهل هذه المرة بدلا من الصبر والمثابرة والانتظار.. وشرب سُم الفئران!
لا أعلم أي كتاب يقرأه بينتو الآن! لكن، ربما كتاب فالديس الأخير قد يساعده، فقبل أشهر صدر لفالديس كتاب قال الناشر عنه: “فيكتور سيساعدك من خلال طريقة بسيطة، مؤلفة من ثماني خطوات، على أن تتعامل مع الضغط وتتجاوزه، بهدف تحقيق أهدافك الهامة”! هل كان فالديس يفكر في بينتو وقت كتابة الكتاب؟! هل الكتاب مقتبس من أحداث حقيقية؟! بصراحة، أعتقد أن الكتب غير مفيدة في هذه المرحلة.. بينتو، عليك بطبيب نفسي!
أشعر بالتعاطف مع بينتو.. خاصة بعد الإعلان عن التعاقد مع حارس جديد في سن أبنائه! فبينتو اقترب من الأربعين، بينما الحارس الجديد تخطى العشرين للتو! وأرجو ألا يتهمني أحد بالكذب، لأني زدت وأنقصت عامين من عُمر كل منهما.. فأنا أتحدث بشكل تقريبي، والعامين لا شيء في كرة القدم، والدليل أن كأس العالم يُقام كل ثمان سنوات.. مرتين!
فالديس المحظوظ أُصيب في الوقت المناسب! حين كان الفريق على وشك أن يغرق، قفز من السفينة! لا أحد يلومه الآن، المُلأم هو بينتو المسكين! بينتو الذي انتظر سنوات طويلة ليحصل على هذه الفرصة، وحين حصل عليها أخفق الفريق، بل والنادي برمته!
عموما، لا خوف على الرجال الطيبون، وبينتو طيب، والدليل أنه راض منذ سنوات على أن يلعب دور سنيد البطل! كما أن الجميع يحبونه في الفريق.. وأهم شيء حب الناس، ورضا الوالدين.. ورضا ميسي! الأخيرة هي الأهم في برشلونة!
وميسي راض على بينتو، حتى “قيل” إنه اشترط على الإدارة بقاء بينتو، ليجدد عقده! والحمدلله أنه لم يشترط عليهم أن يختار هو ملابس الفريق!
الهراء المستفاد: الإيجابية سر النجاح، رغم أننا جميعاً نعلم أن مويس كان إيجابيا دائماً، وفشل فشلاً ذريعاً! والمشكلة أن الناس دائما يذكرون لك قصص الصبر والكفاح الناجحة، ولا يذكرون لك قصص الصبر الفاشلة! الصبر ليس هو الحل دائماً.. كما أن القناعة ليست “دائما” كنز لا يفنى!
معاني الكلمات:
رجب حوش صاحبك عني: إحدى الأعمال الفنية الخالدة لهيفاء وهبي! لأعرف كيف كُتبت هذه الأغنية، وكيف خطرت الفكرة ببال كاتبها.. أنا مستعد لأن أدفع نصف عمر.. هيفاء وهبي!
مازوخ: هو ليوبولد مازوخ، أديب نمساوي.. والمازوخية هي تلذذ الإنسان بالألم الواقع عليه، وهي عكس “السادية” التي تعني التلذذ بإقاع الألم على الغير.. سمي المرض باسمه، لأنه كتب رواية فيها ممارسات مازوخية، ولم يكن لهذه الممارسات والمشاعر مسمى حينها! هذا الرجل كان مبدعاً بحق.. لكنه دفع الثمن حتى وفاته! فقد حاول كثيرا أن يبعد اسمه عن هذا المرض، ومن بعده ابنه، لكن دون جدوى.. وأصبح اسم المرض مربوطا باسمه للأبد.. تخيل شعورك حين يصبح اسمك شتيمة!
أوديب: ملك إغريقي، قتل والده، وتزوج أمه! وعقدة أوديب مفهوم أطلقه العالم سيجموند فرويد على من يحب أمه، ويغار عليها من أبيه ويكرهه!
هذه الطلقة الكروية الساخرة، لا تهدف إلى الانتقاص من قدر أحد، والسخرية من طرف معين لا تعني كرهه، بل العكس هو الصحيح أحياناً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق